مجلة عالم الأدباء للأديبة سوزان عبدالقادر
مرحبا بكل السادة الزوار والاعضاء الجدد

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

مجلة عالم الأدباء للأديبة سوزان عبدالقادر
مرحبا بكل السادة الزوار والاعضاء الجدد
مجلة عالم الأدباء للأديبة سوزان عبدالقادر
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

هوامش مظلمة / الكاتب أبو رامي سالم / الجزائر / مجلة خمائل

اذهب الى الأسفل

هوامش مظلمة / الكاتب أبو رامي سالم / الجزائر / مجلة خمائل Empty هوامش مظلمة / الكاتب أبو رامي سالم / الجزائر / مجلة خمائل

مُساهمة  نبهات الزين السبت أغسطس 20, 2016 9:15 pm

تمر الأيام وتتشابه ، برنامج يومي معتاد…..يسترجع فترة دراسته في شريط صار يتكرر ليذكره بحلمه الذي بتر قبل الأوان وذاك الطموح الذي طالما راوده في أن يصبح طبيباً مشهوراً ، ينظر له المجتمع باحترام و وقار فيزداد عزة بنفسه ، تخونه دموع ليستحضر قسوة تقمعها وتحولها لابتسامة لا يجد معها مانعا ان رافقتها دموعاً اكثر ذرفانا ، يزداد احساسه بالفخر وهو في تخيلاته يسمع همسات الناس لبعضهم في أثناء مروره و من نظرات مليئة بالاعجاب واشارات لا يخطئ فهمها الا حاسد له.

مسترسلا الحديث مع سيجارته ، وبحركة معتادة ألفتها الشفاه ينفث دخانا ويستجمع انفاسه في لهفة متزايدة تتناقص منها سيجارته وهي ملتصقة لتصبغ لوناً داكنا أقرب للسواد هو على شفتيه.

تنتابه نوبات تترك رغباته للتدخين من سيجارته الرخيصة تتضاعف أكثر وخاصة في نهاية الشهر بعد أن تكون الأجرة المخصصة للتدخين قاربت على النفاذ ، أجرة لا يستلم منها سوى القليل لشراء مستلزمات بسيطة بعد أن يحاسب على ذلك حسابا عسيراً ان نقص منها أمام زوجة متسلطة لا تلين أمام أي تبرير…

ان توهمه بأنه طبيب في خدمة الآخرين تجعل منه دوماً رجلاً ذا كبرياء يحظى باحترام يرضي غروره ،غروراً أحس اليوم بأنه قد استهدف فيه حينما سخر أحد الاطباء المناوبين منه ومن تسرعه في تشخيص حالة مريض قبل اذن منه مما جعله عرضة لعتاب فض تركه يصمت ويعجز في ايجاد رد يعيد له الاعتبار أمام مريض تباهى امامه بمعرفته لمرضه وأن الطبيب سيؤكد له ذلك لاحقاً….

مفضلا السكوت وفي باله كلام كثير… صمت… سكون… سكوت….

وضعيات اراديه استوجبها الموقف ورضي بها غير ان دواخله صارت مرعبة وزادها السكون انبهارا… وليتمتم : أي نعم سلبتم مني حريتي ولكن لخيالاتي ان تنطلق…وهي من ساتزود بها عندما ينتصب خجلي وتخونني الجرأة ويسكنني الخوف…

مواصلا تمتمته : سأنتفض على ضعفي واتحرر من هزائمي لأنقلكم كلكم لعوالمي واحاكمكم من دون أن تدرون ،وهو هنا يدقق نظره على الطبيب المناوب وبنبرة صارت نوعاً ما مسموعة بدون ان يفهمها الحضور بعد أن لف سكون كبير المكان..

سأقتص منكم في اللحظة التي ينتصر لي فيها منكم سلطان الأنا وعنفوان الذات فأعبث بعقولكم وأحكم من دون تبرير تجاوز أو تفسير هلع، هواجسكم لم تعد تعني لي شئ… مزاجي قبالة جحودكم.

إمتنع عن الكلام واطبق الصمت على الجميع ، صمت جعله يراجع احلامه وتطلعاته ويصاب في توهمه الذي جعله طبيباً قبل الأوان ، واستدرك متأخرا انه ممرضا عاديا خسر شهادة عليا في الطب وتم توظيفه بشهادة مؤهلها العلمي كان في متناول ذوي المستوى المتوسط ، غير ان شغفه بالطب و حبه للمهنة واحتكاكه بالاطباء وذوي الاختصاص منحه كما معرفيا ومؤهلا علمياً جعلاه يتسلق الدرجات وينال الترقيات ليصبح من اكثر الكفاءات في المشفى الحكومي الذي أفنى فيه سنوات عمله…. مشاعر حضرته ضاعفت احباطه واصابته بهستيريا بكاء وبنوبات عصبية لاحساس طغى فجأة بأن ما يعيشه وهما..!!

علبة سجائره هي النجاة من مأزق وجد نفسه امامه دون أن يدري كيفية لخلاص طال على الرغم من تدخينه لسيجارته بانفاس متسارعة …

في ذلك اليوم خرج مسرعا والغضب على محياه باتجاه منزله في عادة دأب عليها كلما احس بالاهانة أو الظلم لتسكنه كآبة ينعزل بعدها في غرفة جانبية هي كل ما يجعله يحس بأنه يمتلك مأوى يستكين فيه مستسلما لنوبات نوم عميقة تفوق ما اعتاد عليه حالما تباعدت تلك الحركات اللاارادية لبعض اطرافه مرتهنا لصمت رهيب لا يزول الا بتسارع انفاسه ايذانا بدخوله في سبات….

هي حالات خفت وتباعدت نوباتها بعدما نصحه طبيبه المتابع لحالته بزيادة تركيز بعض ما يتناول من أدوية حينما اكتشف عقدته و اعجبه المامه بمختلف العلوم الطبية ، وهو ما جعل منه الاقرب له ومستشيرا اياه في بعض الأمور التي تخص مختلف جوانب الحياة ..

،،،تبدأ اولى ساعات يومه باكراً بنهوضه قبل بزوغ الفجر معلناً بخروجه من منزله اقتحام زحمة نهار يغيب فيها ويتآلف معها كل يوم ومن دون انقطاع ، فهو لا يستحق عطلته السنوية لانه لا يطلبها ببساطة ويحسب انه مختلف تماماً عن البقية ، ويرى ان تواجده في عمله مهمة وجب عليه مداومتها في قناعة تامة منه تستحق تواجده الدائم….

يوماً يتمناه أن يكون أفضل من سابقه ومتجددا ليبعث فيه حيوية تجنبه حسرة ما زالت تسكنه من مخلفات كآبة ما مضى ويزيل حسرة ممزوجة بخوف يشعره بالضعف.

في طريقه للعمل يقصد اول نادي انترنيت ليتصفح مواقعه المفضلة مسرعا ومن دون انتظام ، يبحث على عجل ولا يتمهل الا عندما يدرك ما يبعث فيه اثارة تتركه ينسجم ليغوص في عوالم لا ضابط فيها لخيالاته ، انفعال مفاجئ يعقبه هدوء كلها تمنحه انتعاشا في اولى بدايات يومه.

عند سماعه آذان الفجر يتوقف عن الابحار وبحركة سريعة منه يغلق كل المواقع بعد ان تعتريه لحظات ندم يستحي فيها من تأنيب قاس ومتعب لا يتركه يشعر بالراحة الا حينما يقرر ان يسلط عقوبات على نزواته في تكرار منه لمحاكمات للذات.

معتقده الراسخ وايمان منه بما توارثه هو ما يجعله يلج يومياً لبيوت الله مع أولى نسمات الصبح بما تمنحه له تلك الخلوة من راحة وطمأنينة و شعوراً بالسعادة ، وهو ما يبعث في نفسه أملاً متجددا تواقا للاستقرار والسكينة وسط مجتمع يحترم طاقات افراده ويمنح الحرية في الابداع ويساوي بين طبقاته مزيلا كل مظاهر الخوف ويبعد هاجس القلق والتوتر ليرسم لابنائه مستقبلاً جميلاً .

ما إن ينتهي من انهاء فرائضه ، كل فرائضه ؛ ذاك انه يقيم كل صلواته مرة واحدة وفي قناعة تامة منه بما يفعل وفي رفض منه لأي جدل إن تم التطرق لموضوع العبادات مع القلة ممن يحتك بهم في عمله ، وفي دفاع عنيف منه يصد أي محاولة مهما كانت لاعتقاده انها علاقة عمودية ولله وحده يرجع الأمر في القبول كما الجزاء ….

مع انهائه لكل طقوس عباداته في انزوائه داخل المسجد الذي اعتاد الصلاة فيه من دون أن يغيره لما بات يعطيه له هذا المكان من سكينة وهدوء تكون أول تباشير الصبح قد لاحت لينطلق نحو أقرب مقهى ويحتسي قهوته الساخنة ويفتح علبة السجائر فرحا بها وهي ممتلئة ممسكا اول سيجارة من علبته التي ستمسي فارغة وهو ما يشعره بالرغبة في تطليق عادة سكنته منذ إهمال دراساته في الطب.

بعد انهاء سيجارته يأكل كعكه المفضل و يقتني بعضاً من حلوى وكؤوس من قهوة ساخنة ويعبئها في إناء خاص يحفظ لها سخونتها ، ويحث الخطى ليدرك عمله قبل بداية مداومته ليوزع ما اقتنى على زملائه ويحتفظ بالجزء الأكبر لمرضى دأب على زيارتهم كل يوم مطمئناً ومواسيا مستدرا دعوات تصله من كمية الفرح المشع من عيونهم في وجوه استردت طيبتها كلما ازداد أملها في الشفاء ، شفاء غيبته في اعتقاده سلوكات ألغت انسانيتنا في زحمة الحياة القاسية وفي غفلة منا ازاء واجباتنا الحقيقية تجاههم…

ان كمية الفرح التي تغمرهم حين يدخل عليهم تجعل اكثرهم ينسى آلامه وحزنه جراء جفاء اغلب الأطباء ، وهو توقيت يسمح له بتوزيع تلك الحلوى وصب اكواب القهوة وسط فوضى وتدافع تجعلانه يتمنى دوام تلك السعادة ….

ان الفرح يأتي دوماً كتفسير للحظات تغمرنا فتسموا فيها مشاعر الغبطة والبهجة في لحظة فاصلة تزول فيها كل أسباب الحزن لتتحول لسعادة غامرة تترجم بسلوكيات لا يمكننا أن نخطئ فهمها في عيون لم تعد تتقن سوى لغة واحدة ، لغة التعانق بين أرواح فهمت معاني الرحمة وألغت قوانين الخوف لتسود معاني الانسانية ويعم فضل الأمان ونعمة الشفاء..

نبهات الزين

عدد المساهمات : 183
تاريخ التسجيل : 01/07/2016

الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل

الرجوع الى أعلى الصفحة

- مواضيع مماثلة

 
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى